تُعتبر المسيرة الخضراء من أبرز المحطات التاريخية في المغرب، والتي جسدت بعمق روح التضامن والوحدة بين الشعب المغربي وقيادته. في السادس من نوفمبر 1975، قاد الملك الراحل الحسن الثاني مسيرة سلمية فريدة من نوعها نحو الصحراء المغربية، بمشاركة حوالي 350 ألف مواطن مغربي من مختلف المناطق، حاملين المصاحف والأعلام الوطنية كشعار للسلام، ومعبّرين عن رغبتهم في استرجاع الأراضي الصحراوية المحتلة آنذاك من الاستعمار الإسباني.
رمزية الوحدة الوطنية
أظهرت المسيرة الخضراء وحدةً غير مسبوقة، إذ توافد الآلاف، متناسين اختلافاتهم، ومؤكدين ارتباطهم العميق بوحدة المغرب الترابية. هذه الوحدة كانت مظهراً استثنائياً للتلاحم بين الملك والشعب، وتعبيراً واضحاً عن الإرادة الجماعية لتحقيق الاستقلال الكامل للبلاد.
التضحية من أجل الوطن
رمزت المسيرة أيضاً إلى التضحية والتفاني، حيث شارك المغاربة من مختلف الأعمار والفئات في تحدٍّ سلمي لتحقيق مطلب سيادي دون اللجوء إلى العنف. وقد غدا هذا السلوك نموذجاً لأسلوب حل النزاعات بالوسائل السلمية، وعكس حكمة القيادة المغربية في تحقيق أهدافها دون إراقة دماء.
رسالة السلام
من خلال الاعتماد على المصاحف بدلاً من الأسلحة، وجهت المسيرة رسالة واضحة للعالم بأن المغرب ينشد السلام، وأن استرجاع أراضيه يمكن أن يتم عبر الحوار والسلم. هذا المبدأ جعل المسيرة الخضراء نموذجاً فريداً في التاريخ، حيث تمكنت من حشد الرأي العام الدولي لصالح القضية المغربية.
الإرث المستدام
تستمر ذكرى المسيرة الخضراء كرمز دائم للوحدة والولاء، وتخلّد كعيد وطني سنوي يعيد للمغاربة تجديد ارتباطهم بأرضهم وقضيتهم العادلة. كما أن روحها لا تزال حاضرة في جميع مساعي المغرب لاستكمال وحدته الوطنية وتعزيز تنميته الشاملة في الصحراء، لتكون نموذجاً لمشاريع البناء والتحديث.
باختصار، المسيرة الخضراء ليست مجرد حدث تاريخي، بل هي رمز خالد يعكس قيم الوحدة، التضحية، والسلام، ويظل مرجعاً وطنياً يربط المغاربة بعضهم ببعض ويذكّرهم دائماً بأهمية الحفاظ على وحدة الوطن وترابه.