أخر الأخبار
الرئيسية » ومضات تاريخية » صدام حسين أسطورة العرب في زمن التخاذل يروي تفاصيل قضية الدجيل على لسان محاميه خليل الدليمي
Visitez Example.com

صدام حسين أسطورة العرب في زمن التخاذل يروي تفاصيل قضية الدجيل على لسان محاميه خليل الدليمي

 sadamtre

لم تتقبل الشعوب العربية،إعدام الرئيس العراقي صدام حسين في فجر أول أيام عيد الأضحى  سنة 2006، حيث اعتبرت عملية إعدامه في يوم العيد مسا بمشاعر الملايين من المسلمين و إهانة لهم و لأنظمتهم المتخاذلة، عقب محاكمة صورية كان محسوما حكمها، و كان للمد الصفوي الشيعي الإيراني، دور بارز في نصب المشنقة لشامة العرب و قاهر الفرس، بمباركة النظام الأمريكي الذي قام على أنقاض الإبادة الجماعية للهنود الحمر، فقد تقاطعت مصالح مجرم الحرب  جورج بوش الابن مع أصحاب العمائم السوداء بقم و طهران، كما قامت سابقا في حرب الأمريكان ضد حكم طالبان بأفغانستان، حيث سهلت إيران دخول الغزاة الأمريكيون إلى أفغانستان، هذه المصلحة وضعت نصب أعينها اجتثاث نظام الحكم بالعراق لتجرئه على قصف اللقيطة إسرائيل إبان حرب الخليج الأولى و وقوفه أمام المشروع الفارسي التوسعي بأرض العرب، في حرب ضارية دامت لثماني سنوات. كلها دوافع ثاوية وراء تحالف مبني على المصالح، دفعت بالحرب على دولة العراق لتدميرها عن بكرة أبيها و بناءها من جديد على بيعة شيعية، لكن بسالة الراحل صدام حسين و طبيعة شخصيته في زمن التخاذل العربي، عصفت بالمشروع الأمريكي و الصفوي و صار العراق مسلخا و مقبرة جماعية للغزاة،  و ظن الأمريكيون أنه بالقبض على صدام حسين ستنتهي جيوب المقاومة و سينعمون في النعيم، و يبنون عراقهم الجديد، إلا أن ضراوة المقاومة ازدادت و تحول العراق إلى محرقة للجيش الأمريكي و تدخلت إيران بحرسها الثوري  و مافيا المزارات الشيعية، في تقتيل المواطنين المدنيين في حرب طائفية شهد فصولها العالم، و رغم تدخل إيران احتدم الصراع و تفاقمت الأوضاع و سحقت بنادق المقاومين السنة و الشيعة الفضلاء، القوات الأمريكية، مما وضع النظام الأمريكي في حرج، جعله يرسل رامسفيلد إلى العراق و يلتقي صدام حسين في معتقله. جرى اللقاء بينهما، تعهد فيه المبعوث الأمريكي بإطلاق سراح صدام حسين و ترحيله إلى أية دولة يختارها و توفير جميع المستلزمات و السيولة المادية لعيشه و أسرته، مقابل طلب مقيت رفضه صدام حسين بشدة، يقتضي ظهور الرئيس في وسائل الإعلام منددا بالتفجيرات و العمليات العسكرية التي تستهدف القوات الأمريكية و اعتبارها عمليات إرهابية و حث رفيقه عزت الدوري في رسائل مشفرة بوقف المقاومة، لكن صدام حسين كان له ردا مفحما نابعا من إيمانه بمبادئ المجاهد و المقاوم النزيه، بأن الحياة الشريفة لا تقبل المساومة بالمقاومة، و أنه إذا أراد ذلك فعليه أن يقبل بالشروط التي سيشترطها عليه و ينفذها بسرعة البرق، و تمثلت شروط الرئيس في الانسحاب الفوري من العراق و إرجاع ما تم نهبه من أموال و تهريب للقطع الأثرية من المتاحف و تعويض العراقيين عن الدمار و اغتصاب حرائر العراق و التصريح بأن امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل أكذوبة بنت عليها أمريكا جشعها للاستيلاء على النفط العراقي، فرجع رامسفيلد بخفي حنين، يجر أسبال الخيبة و الثبور. فعلم النظام الأمريكي وقتئذ ، أنه أمام هرم شامخ و شخصية من طينة أخرى، لا تقبل المساومة و أن مقاومته كانت نابعة عن قناعة راسخة  و لا يمكن بحال من الأحوال تغيير معطفه بسبب الخوف من حبل المشنقة.

تمت محاكمة الرئيس في المحكمة الجنائية العراقية العليا، التي فتحت قوسا كبيرا و نقاشا مستفيضا عن شرعيتها، حيث اتفق جل المحللين السياسيين و رجال القانون على عدم شرعيتها حسب تعرف الأمم المتحدة،لاعتبار أن العراق في تلك الفترة دولة محتلة. أصدرت ذات المحكمة حكما يقضي بإعدام الرئيس شنقا، و الذي رفضه الرئيس مفضلا رميه بالرصاص باعتباره عسكريا و قائدا للقوات العراقية، على خلفية ما سمي بقضية الدجيل، فهذه القضية لا تستحق برأي المتتبعين كل هذا الضجيج باعتبارها قضية صغيرة مقارنة بقضايا أكبر حجما و ذات أبعاد إقليمية مثل حرب الخليج  الأولى و الثانية  و استعمال الأسلحة الكيميائية، و أن إثارة قضية الدجيل بالذات تم بناء على مقترحات و تعليمات أمريكية و ليس على أولويات الشارع العراقي، بهدف الابتعاد عن القضايا التي تبرز تورط الولايات المتحدة الأمريكية. المحكمة وجهت للرئيس العراقي تهمة إعدام 143 مواطن عراقي من سكان منطقة الدجيل التي استهدف فيها صدام حسين عقب محاولة اغتيال فاشلة قادها حزب الدعوة الإسلامية في العراق سنة  1982، حيث استقدمت المحكمة شهود عيان محسوبين على التيار الشيعي أفادوا بأن القوات العسكرية العراقية قامت بإعدام 143 مواطنا، منهم أطفال، و اعتقال 1500 من سكان البلدة  تم نقلهم إلى سجون بغداد و من تم إلى معتقل ” ليا” بالصحراء بمحافظة  “مثنى”، بناءا على تعليمات رئيس الجمهورية. إلا أن صدام حسين علق على محاكمة قضية الدجيل عقب لقاءه بهيئة دفاعه بالقول: “بعد محاولات الغزاة وأعوانهم طمس الحقائق بما أسموه قضية الدجيل ، نسأل ما هي حقيقة هذه القضية التي يسأل عليها صدام حسين ورفاقه ، وأناس أتوا بهم أسموهم كبار معاوني صدام حسين ، وهم في الحقيقة موظف بدالة ومعلم مدرسة ابتدائية ورجل جمعيات فلاحية …في تلك الفترة كان العراق منهمكا في الدفاع عن البوابة الشرقية في وجه أطماع الخميني …وكان لا بد من تفقد أحوال شعبنا وزيارة المدن..وهذه المرة كانت الزيارة إلى قضاء الفارس ” الدجيل”، بعد أن وصل الموكب ، استقبلنا العراقيون في هذا القضاء بكل حفاوة وتكريم …كان أهل القضاء ينحرون الذبائح تكريما لنا . وكانت بعض النساء يتقدمن إلينا لتحيتنا، وعندما أردت الصعود إلى السيارة المخصصة لي ضمن الموكب، اقترب مني أحد المرافقين من الحماية الخاصة، وطلب مني الصعود في سيارة أخرى ضمن سيارات الموكب، وأوضح بأن إحدى النساء قامت بوضع كفها في دم الذبائح، وختمت بكفها على السيارة المخصصة لي، وهذه عادة معروفة يستخدمها العراقيون عند شراء سيارة وأحيانا لتكريم الضيوف . إلا أن أفراد الحماية الخاصة وضعوا في حساباتهم الأمر الأسوأ، وهي أن تكون إشارة لعمل ما فيما بعد، ثم تركنا السيارة تسير في مقدمة الموكب وفيها بعض أفراد الحماية، وعلى ما أذكر كان ترتيب السيارة التي أسير فيها الثالث أو الرابع”.
ويواصل صدام سرد وقائع ذلك اليوم من وجهة نظرة :
“أثناء سير الموكب ، وبعد انقضاء الزيارة، كنا عائدين من الشارع الرئيسي، قامت عصابة من المجرمين عملاء إيران بإمطار الموكب بوابل من الرصاص، وكانت النيران تنطلق بكثافة من البساتين ومن الجهة اليسرى من الشارع، فأصابوا عددا من سيارات الموكب، وكان النصيب الأكبر من رصاصهم يتجه إلى السيارة المؤشرة بكف تلك المرأة، فاستشهد عدد من أفراد الحماية الخاصة، وهم المجموعة الأقرب لحماية شخص رئيس الدولة، وكذلك فصيل الحماية ، وهو الطوق الثاني الأبعد بقليل عن شخصية الرئيس، وفقد هذا الفصيل عددا من أفراده، أما طائرات الهيليكوبتر التي حلقت فوق تلك البساتين، والتي كانت تستطلع أماكن تواجد هؤلاء المجرمين، فقد تعرضت لإطلاق النار من أسلحة مختلفة بما فيها مدافع رشاشة، وقد خسرنا بعض طيارينا في ذلك الحادث، ومن الطبيعي أن يكون للحماية الخاصة و فصيل الحماية رد فعل سريع على مصادر النيران لإسكات الجناة الذين ولوا هاربين إلى عمق البساتين التي كانت كثيفة وتشكل خطورة حتى على أهل المنطقة. عندئذ هب الغيارى من أهل الدجيل ، وآزروا فصيل الحماية وقتلوا عددا من المجرمين من بينهم المجرم المسمى السيد الكربلائي ، وهو القائد والمخطط لعملية الاغتيال، وهذا الشخص إيراني وليس عراقيا .
اعتذر منا أهل الدجيل وشيوخها، وأعربوا عن أسفهم لما حصل، فأكملت زيارتي وعدت إلى بغداد، ثم قامت أجهزة الدولة، وهو أمر طبيعي بالتحقيق في الحادث، وتعقب المجرمين …وأخذت الأجهزة القضائية دورها في التحقيق وفي المحاكمة دون أن نتدخل، وكان من الطبيعي أن يصدر الحكم في حق الجناة، وقد عفونا عن الكثير منهم. وطبقا للقانون وللدستور، قررت الجهة المختصة صاحبة القرار استملاك ” مصادرة ” البساتين المتداخلة مع المدينة والتي تشكل تهديدا لأمنها وشارعها الرئيسي  ، ثم قامت الدولة بتعويض المشمولين تعويضا مجزيا، وكذلك تعويضهم بقطع أراضي زراعية وسكنية بعد مدة من الزمن، ثم لاحقا أعيدت الأراضي التي استملكت لأصحابها … “

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *