أخر الأخبار
الرئيسية » السلايدر » الحكومة المغربية: بين الأرقام والواقع
Visitez Example.com

الحكومة المغربية: بين الأرقام والواقع

رئيس الحكومة

كشف الإحصاء العام للسكان والسكنى، الذي أعلن عنه المندوب السامي في التخطيط شكيب بنموسى، عن أرقام مخيفة تعكس مدى تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي في المغرب. ورغم أن هذه الأرقام ليست سوى إحصائيات مجردة، إلا أنها تسلط الضوء على قصور الحكومة في التعامل مع العديد من القضايا الحيوية التي تؤثر في حياة المواطنين.

البطالة والواقع الاقتصادي المتدهور

أحد أبرز الأرقام التي فاجأت الكثيرين كانت نسبة البطالة “الحقيقية”، التي تجاوزت 20%. هذا الرقم، الذي لا يعكس فقط فشل السياسات الحكومية في توفير فرص العمل، بل يعكس أيضاً عجز الحكومة عن خلق بيئة اقتصادية محفزة للنمو. على الرغم من التصريحات المتكررة عن “الإصلاحات الاقتصادية” و”الاستثمار في الشباب”، فإن الواقع يقول العكس: هناك تزايد مستمر في أعداد العاطلين عن العمل، خاصة في صفوف الشباب والخريجين. وهذا يشير إلى أن الحكومة فشلت في تقديم حلول عملية ومستدامة لمشكلة البطالة التي تزداد تعقيدًا مع مرور الوقت.

المعدل المنخفض للخصوبة: تحديات غير مُعالجة

من جهة أخرى، يثير انخفاض معدل الخصوبة إلى ما دون 2.1 طفل لكل امرأة الكثير من التساؤلات حول سياسات الحكومة في مجال الأسرة والمجتمع. هذا التراجع في معدل الخصوبة، الذي وضع المغرب في خانة الشعوب السائرة نحو الانقراض، ليس مجرد رقم إحصائي بل هو نتيجة مباشرة للظروف الاقتصادية والاجتماعية التي خلقها فشل السياسات الحكومية. فارتفاع تكاليف المعيشة، خاصة في المدن الكبرى، وعدم قدرة الدولة على توفير خدمات تعليمية وصحية ميسورة للجميع، يدفع العديد من الأسر إلى اتخاذ قرار بتحديد النسل. لكن الحكومة، بدلاً من أن تتحرك لمعالجة هذه القضايا الجوهرية، تواصل التذرع بالتحديات الاقتصادية دون اتخاذ خطوات جادة للتعامل مع هذه التحولات الديموغرافية.

الأمية: إرث سياسات فاشلة

ورغم مرور سبعين عامًا على الاستقلال، ما زال المغرب يعاني من نسبة أمية عالية تصل إلى ربع السكان. هذا الرقم يفضح فشل الحكومة في تطوير منظومة التعليم، التي تعتبر من أهم أدوات التنمية البشرية. الميزانيات الضخمة الموجهة إلى التعليم لم تنعكس على تحسن نوعية التعليم أو على محاربة الأمية. بل على العكس، تراجعت جودة التعليم بشكل ملحوظ، وزادت الفوارق بين المناطق الحضرية والريفية، وهو ما يُظهر عجز الحكومة في وضع استراتيجية تعليمية شاملة وفعّالة.

المسؤولية الحكومية: فشل في استثمار الإمكانيات

إن هذه الأرقام تشير بوضوح إلى فشل الحكومة في استثمار الإمكانيات البشرية والموارد المتاحة لتحقيق نمو اقتصادي مستدام. على الرغم من التحولات الديمغرافية التي كانت يمكن أن تكون فرصة حقيقية لتسريع النمو الاقتصادي (عبر الاستفادة من “العائد الديموغرافي”)، فإن الحكومة لم تتمكن من خلق السياسات المناسبة لاستغلال هذه الفرصة. بل إن السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي انتهجتها الحكومة عززت من الفجوة بين الطبقات الاجتماعية وزادت من تدهور الوضع المعيشي للعديد من الأسر المغربية.

التحديات الجيوسياسية: غياب رؤية استراتيجية

في وقت يشهد فيه العالم تحولات ديموغرافية كبرى، تواجه المغرب تحديات جيوسياسية كبيرة نتيجة التراجع الديمغرافي، وهو ما يضعف من القدرة التنافسية للمغرب على الساحة الدولية. وعلى الرغم من أن هناك جهودا تبذل في جذب الاستثمارات وتحقيق الاستقرار الداخلي، فإن غياب رؤية استراتيجية شاملة من قبل الحكومة جعل المغرب يواجه صعوبة في الحفاظ على قوته الاقتصادية والسياسية على المدى الطويل.

ضرورة الإصلاح الشامل

إن الحكومة المغربية اليوم أمام مفترق طرق. فالأرقام التي تم الكشف عنها تمثل صرخة فزع تعكس حالة من الجمود في السياسات الحكومية. إن الوقت قد حان للقيام بإصلاحات حقيقية تركز على تعزيز الاقتصاد الوطني، تحسين جودة التعليم، وتوفير بيئة مناسبة للأسر لتعيش بكرامة. إن المغرب بحاجة إلى حكومة قادرة على اتخاذ خطوات جادة لتحفيز النمو الاقتصادي، مواجهة البطالة، ومحاربة الفوارق الاجتماعية. إذا استمر الوضع على حاله، فإننا قد نواجه أزمة ديموغرافية واقتصادية يصعب الخروج منها في المستقبل.

عبد الكريم قوقي

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *