يدخل ملف التعليم في صلب اهتمامات الدول المتقدمة و الديمقراطية، و قطب الرحى في صلب هذه العملية هو المعلم و الأستاذ بالدرجة الأولى بغض النظر عن المناهج الدراسية… فتوفير الظروف و الأجواء المناسبة للمعلم و الأستاذ تعد تحفيزا لهذا الأخير، لجعله أكثر عطاءا في العملية التعليمية و ذلك من خلال الأجور التي تحفظ ماء الوجه و تجعله مرتاحا لا يبالي بإكراهات المعيش اليومي و يصب جل وقته و قدراته لعملية التحصيل العلمي، لذلك تجد في المجتمعات الراقية أعلى أجر يتقاضاه المعلم… في حين ببلادنا العزيزة، الحكومة تعيد تشغيل أسطوانة الشعار القديم الجديد “تجويد و إصلاح التعليم” التي شنفت أسماعنا سنوات طويلة هذه الاسطوانةالمشروخة و جربت جميع الوصفات للخروج بهذا القطاع من القمقم لكن دون جدوى. فجميع الوصفات و البرامج التي سنتها الدولة تغفل عن الدور الأساسي للمعلم و الأستاذ في سلسلة الإصلاح البنيوي للقطاع، حيث نجد جل المبادرات اتجاه هذا العنصر هي مبادرات محتشمة لم توفيه حقه نظرا لدوره المحوري و الاعتباري في المنظومة… فلا يعقل أن تكون العملية التعليمية مرتكزة أساسا على مربي الأجيال و لا تصان كرامته من خلال ما يسمى النظام الأساسي الذي سبب شللا بالمؤسسات العمومية، بسبب الإضرابات الاحتجاجية المشروعة على هذا النظام الذي ظلم بكل شكل من الأشكال المعلم و وضعه في أدنى درجات أجور الوظيفة العمومية، في الوقت الذي يجب وضع مكانته فوق كل المكانات…
الحقيقة المطلقة أن الأجر الذي يتقاضاه الأستاذ و الذي لا يتعدى 5000درهم شهريا، في ظل موجة الغلاء المستشرية في المجتمع لن تشجع هذه الشريحة من أجل العطاء و التميز و تكوين الأجيال تكوينا قويا و متميزا بقدر ما ستجعل الأستاذ يدور في دائرة مفرغة يفكر فقط كيف سينهي الشهر بدون أن يدخل في أزمة مالية التي سيلجها بدن شك…
خطاب النية الذي تتبناه الحكومة لحل هذه المعضلة و فك طلاسمها، قد أبدته حكومات سابقة دون أن تتحقق هذه النية و بقيت الحالة على ما عليها… و الأكيد أن نفس السيناريو سيتكرر ما دامت هذه النية لم تترجم على أرض الواقع… مختصر المفيد الحكومة تقول للأساتذة النية أبلغ من العمل.