قبل يومين من اليوم، أطل علينا واقع الطفولة من نافذة مظلمة بابن جرير.. و المناسبة افتراش طفلتين في جنح الظلام قارعة الطريق.. صورة الطفلتين وهما تغطان في نوم عميق مستسلمتين لأبخرة أحلامهما غير مباليتين بعوالم الليل المرعبة، بعد أن أخذ النصب و الكلل مأخذه من جسمهما النحيلين.. شكلت هذه الواقعة صورة امبريقية مقيتة حول واقع طفولة تائهة في دروب التشرد وسراديب النسيان بمدينة المستقبل.. و في ظل تنامي الاغتراب الذي يحسه هؤلاء الأطفال عن النظام السياسي و الاجتماعي العام الذي يعيشون على هامشه و يتجاهلهم، و الذي يعزز من قناعاتهم بوعي زائف بأن فقرهم قدر مكتوب، يخرج عن دائرة الظلم الاجتماعي و نتاج سياسات متحيزة تزيد من هول الاستقطاب داخل المجتمع… لنساءل منزل السياسات العمومية في شقها الاجتماعي بهذا الإقليم، ماذا وفرت لهذه الشريحة التي تتناسل كالفطر من بنيات تحتية و مؤسسات للرعاية الاجتماعية ليست بتصورات طوباوية و تنزيل سوداوي أو كفاكهة بمظهر شهي و لب مر، تحد من ظاهرة أطفال الشوارع كإشكالية لها العديد من المظاهر السلبية، بل إن وجودها بحد ذاتها يشكل ملمحا سلبيا؟