“الفضيلة هي روح المجتمع، ومتى سُلبت منه تفرقت أجزاؤه، وانحلَّ نظامه، ووقف يندب حظه ويعد أيامه.” بهذه الكلمات العميقة لخص مصطفى لطفي المنفلوطي دور الفضيلة في المجتمع وأثرها في بناء الأمم. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل يمكن للسلطة أن تكون أداة لخدمة القيم؟ هل يمكن للحكم أن يرتكز على الفضيلة ويصبح وسيلة للعدالة والنماء؟
الجواب، وإن كان يبدو مثارًا للشكوك في عصرنا الحالي، إلا أن التاريخ يعلمنا أن السلطة، إذا ما وُظِّفت وفق قيم الفضيلة، يمكن أن تكون قوة بناء حقيقية. السياسة، حين تنبثق من منبع الفضيلة، تصبح أداة لتحقيق العدالة والمساواة، لا مجرد وسيلة لتحقيق مكاسب شخصية أو سياسية. هي تصبح نابعة من ضمير حي، تسعى لإصلاح المجتمع، وتحقيق الخير العام، وتدعيم حقوق الإنسان.
لكن، إن غابت الفضيلة عن السياسة، تصبح السلطة أداة للهيمنة والاستغلال، وتغيب معها معاني العدل والمساواة. تصبح السياسة مجرد لعبة، يتم تداولها وفق مصالح ضيقة لا علاقة لها بالقيم الإنسانية العليا. إذن، ما يضمن للسلطة أن تخدم القيم هو التزامها بالأخلاق، وجعل الفضيلة ركيزة أساسية في العمل السياسي.
السياسة الحقيقية هي التي تضع الفضيلة في صميم قراراتها، وتضع الصالح العام قبل أي اعتبار آخر. هي التي تتيح للمجتمعات أن تزدهر، وللأفراد أن يعيشوا بكرامة. هكذا فقط، تصبح السلطة أداة لخدمة القيم، ويبقى المجتمع في نمو دائم، مدفوعًا بالعدالة والمساواة.